التخطي إلى المحتوى

تتواصل المطالبات الشعبية بتنفيذ القصاص العادل في إخوة ووالد الطفلةً إصباح مهدي، 16 عاماً، من قرية صعفان في محافظة صنعاء، والتي تعرضت للتعذيب والقتل بذريعة “الشرف”، في حين أنتهت تحقيقات النيابة وتقرير الطب الشرعي ببرائتها.

وفي هذا الصدد نشرت منظمة رفقاً التنموية بياناً تطالب فيه اليمنيين للالتفات إلى صوت العقل والضمير، والتحلي بالشجاعة للوقوف في وجه القوانيين التي تناقض مبدأ قدسية روح الإنسان، والعمل على تغيير هذه القوانيين المخزية إسوة بالدول التي حققت نهضة في مجال حقوق الانسان وكرامته.

وكانت الطفلة إصباح، قتلت بدم بارد بعد تحريض من الأب وبالتعاون مع زوجة أحد الأشقاء القتلة الثلاثة، وهي آخر ضحايا ما يسمى “جرائم الشرف” في اليمن.
ولفت ناشطون حقوقيون إلى أن القضية منظورة أمام المحكمة الجزائية في صنعاء، مطالبين بالقصاص من الأب والأخوة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وعبر الناشطون عن خشيتيهم من ازدياد منسوب هذه الجرائم في ظل قانون الجرائم والعقوبات المعمول به في البلاد، وخصوصا أن قضية الضحية سميحة الأسدي، التي قتلت بيد شقيقها، في قلب المحكمة، لازالت عالقة في الأذهان ولم يمض عليها وقت طويل.

وذكرت وسائل إعلام، نقلاً عن أحد الجيران، أن إخوتها بعد أكثر من شهر من تعذيبها أرغموها على تناول السم ثم شنقوها نحو 24 ساعة، وعندما تورمت الجثة أحضروا نسوة لغسلها وتكفينها، لكن النسوة أبلغن الأهالي والذين غضبوا وتواصلهم مع السلطات الأمنية في المدينة منعا الدفن.

وأشادت منظمات حقوقية وشخصيات نخبوية بموقف أهالي صفعان وغضبهم من الجريمة وتعاطفهم مع الضحية.
كما دعت المنظمات إلى إثارة القضية بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يتم التعتيم والتكتم على الأخبار، وخروج القتلة بعفو أولياء الدم، كما هو متبع في مثل هذه القضايا.

ووصلت البشاعة في هذه الجريمة، تحديداً، تلذذ القتلة بتوثيق فعلهم القميئ وتصوير الفتاة وعلامات الضرب والتعذيب تغطي ملامح وجهها الطفولي وجسدها، وتبادل صور الجثة فيما بينهم ومع الأب المحرض عبر الهاتف مع عبارات التشجيع والتهنئة بعد قتلها، ما استفز الشارع أكثر.

واستعرض ناشطون الصور المروعة لتفاصيل عملية التعذيب الوحشي التي تعرضت لها إصباح، وصور القتلة ووالدهم، وأطلقوا هاشتاغ #العداله_لاصباح ضمن حملة للانتصار لمظلومية إصباح وجميع الضحايا قبلها.

في التالي بيان المنظمة:

بيان
#العداله_لاصباح

بسم الله الرحمن الرحيم
“من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا” المائدة (32)
“ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون” البقرة (179)

إننا في منظمة رفقاً التنموية ندين ونرفض كل أشكال الانتهاكات التي تطال النساء تحت ما يسمى بـ”قضايا الشرف”.
ونؤكد موقفنا الرافض من وقوع حالات القتل المتكررة للنساء على أيدي أبائهن وأخوتهن الذكور، مثلما هي مرفوضة وفقاً للقوانين الدولية ومبادئ الدين الحنيف.
إن مرور هذه الجرائم يعد وصمة عار في جبين الدولة ومواطنيها، خصوصاً في ظل قوانين توفر الحماية للقتلة والجناة تحت مبررات تسيء للضمير الإنساني، وتنتهك الحق الإلهي الذي جعل من الروح هبة مقدسة لا يحق لكائن من كان إزهاقها.
لقد آن الأوان لرفض اليمنيين هذا الواقع المخزي، وحان وقت ثورتهم على هذه القوانيين التي تضعهم في مربع المهانة وتسيء لوعيهم الحضاري وتصورهم وكأنهم برابرة القرن الواحد والعشرين، وما كانوا كذلك طيلة تاريخهم. انها أعراف جاءت بها الجاهلية الأولى وجعلتها قوانيين تطغى على حكمة اليماني وإنسانيته وقوانينه المدنية السباقة على مدنية المدن الحديثة.

لقد خلّد الله تعالى تقدير اليمنيين للأنثى في كتابه العزيز، الإنثى التي حكمت الدولة وتقلدت أعلى السلطات، اليوم باتت بقانون يستند على موروث جاهلي يُفترى به على دين الله، ذليلة ناقصة الأهلية، بل أن هذا القانون أحل دمها واعتبرها عار!! فأي احترام وأي نهضة ينتظر بلد وشعبه هكذا قوانينه؟
إصباح هي مرآة للهوان الذي تواجهه نساء اليمن اليوم، رحلت بفعل همجية ووحشية والدها وأخوتها الذكور الثلاثة، بتعذيبها وتسميمها وقتلها، تحت أكذوبة مايسمى “قضية شرف”، وتركتنا أمام مسؤولية أخلاقية عظيمة، وتركت مظلوميتها أمانة بين أيدينا.
إصباح ليست الحالة الوحيدة فقد سبقتها، سميحة الأسدي التي لم تطلب سوى حقها بالزواج، والطفلة مآب ذات العشرة أعوام، لقد بات واجباً إيقاف مسلسل الظلم هذا.

وإننا إذ نترحم على أرواح جميع ضحايا هذه القوانيين التي شُرعت على غفلة من الإيمان والحكمة اليمانيين، نطالب الحكومة والقضاء والجهات الحقوقية وأفراد المجتمع بالوقوف إلى صف العدالة بتنفيذ القصاص العادل في كل الجناة، لان ذلك هو السبيل الوحيد لحفظ الأمان في المجتمع، والذي افتقدناه جراء الظلم المتراكم والمسكوت عنه، وهو السبيل ايضاً لاستعادة اليمني قيمته الانسانية رجلاً كان او امرأة، ناهيكم وأن العدالة هي الأساس لقوة الدول وعزة شعوبها.

إننا نناشد السلطات التشريعية والتنفيذية لاتخاذ موقف شجاع، يحفظه التاريخ، يتمثل بالتعديلات القانونية ذات الصلة، أبرزها المادة 59 من “قانون الجرائم والعقوبات” والتي تتضمن “لا يقتص من الأصل بفرعه”.

منظمة رفقاً التنموية